حياكم الله وبياكم..



بين نسيم الحب ..وامتزاج الروح..



للتحليق معاً في هذا الزمن لأجل أمتنا..



الخميس، نوفمبر 24، 2011

صوت الذكريات


سأروي الرواية من البداية




 
في تلك القرية الهانئة وبين أشجارها الناضرة ومزارعها العاطرة يعيش بدر مع زوجه وابنيه خالد وماجد..


 
كان يعمل في الزراعة والتجارة فيها..في كل صباح وبعد صلاة الفجر يذهب إلى مزرعته مصطحباً معه ابنيــهِ خالد وماجد لمساعدته برغم صغر سنهما


 
فخالد يبلغ من العمر سبع سنوات أما ماجد فخمس سنوات لكن هذه حياتهم حتى يشب الابن وقد تعلم فنون الزراعة وأوقاتها ويورثها لأبنائه جيلا بعد جيل..


 
وفي أحد الأيام وبعد صلاة الفجر هاهي أم خالد تقدم الإفطار لبدر..


 
أم خالد:بدر لن يذهب ماجد معك


 
بدر:ولمَ؟


 
أم خالد: أنه لم ينم من البارحة بسبب الحمى..


 
بدر: لا بأس إذاً سآخذ خالدًا ونعود عند المغرب فاليوم لدينا أعمال كثيرة..


 
أم خالد:أسأل الله لك التوفيق ..انتبه لخالد..


 
بدر: بالتأكيد..هيا يا خالد سنذهب الآن..


 
بحفظ الرحمن يا أم خالد..


 
أم خالد: حفظكما الله..


 
وفي أثناء الطريق..


 
خالد:أبي لمَ لم يذهب معنا ماجد؟


 
الوالد: أنه مريض ادعُ له بالشفاء..


 
خالد يرفع يديه الصغيرتين..يا رب اشفِ أخي ماجد حتى نلعب سويا..


 
الوالد ينظر له وعينيه أغرورقت بالدمع..أأمين..


 
وصلا المزرعة..وبدأ عملهما..


 
ذهب بدر لري الأشجار والنخيل..


 
أما خالد فقد ذهب إلى الأغنام ووضع لها العلف..


 
وبينما كان كذلك أذ رأى... سالم صديقة وابن جارهم ..


 
سالم: السلام عليكم يا خالد..


 
خالد: وعليكم السلام أهلاً بك يا سالم..


 
سالم: أين ماجد لا أراه؟


 
خالد: أنه مريض ..


 
سالم: حسناً هل تلعب معي ..


 
خالد: أريد ذلك لكن اليوم لا أستطيع..في الغد بإذن الله أستأذن والدي..


 
سالم:حسناً سأنتظرك غداً بإذن الله..


 
بدأ خالد يعمل بجد مع والده حتى يرضى عنه ويسمح له باللعب مع سالم..


 
وفي أثناء عودتهما إلى المنزل..


 
خالد:أبي ما رأيك بعملي اليوم؟


 
الوالد:الحمد لله لقد أسعدتني بعملك نعم الابن أنت..


 
خالد في تردد أبي هل تسمح لي باللعب غداَ مع سالم؟


 
الوالد:نعم يا خالد لكن بشرط؟


 
خالد: وما هو؟!


 
الوالد:أن تعمل إلى وقت صلاة الظهر وبعد الصلاة ستلعب معه حتى تتعب..


 
خالد والابتسامة تعلو محياه:حسناً يا أغلى أب شكراً لك شكراً..


 
وصلا المنزل وبعد تناول العشاء..


 
بدر:أم خالد كيف حال ماجد؟


 
أم خالد:الحمد لله أحسن حالاً من البارحة.


 
خالد:أمي هل يستطيع ماجد أن يذهب معي غداً؟!


 
أم خالد:لا يا بني إنه لا يستطيع لا بد له من الراحة..


 
خالد:يا للخسارة كنت أريده أن يلعب معي ومع سالم..


 
أم خالد: سيلعب معكما بإذن الله بعد شفاءه..


 
وفي تلك الليلة...
لم يستطع خالد النوم إلا متأخراً من شدة


الفرح لأنه سيلعب مع سالم..


ومع شروق شمس الغد كان خالد قد تجهز قبل والده حتى لا يتأخر عن العمل واللعب..


الوالد:ما شاء الله يا خالد اليوم أراك نشيطاً..


خالد: نعم يا أبي فاليوم يوم السعادة واللعب..


اشتد ضحك والده:حسناً يا بُني.هيا بنا حتى لا تتأخر عن لعبك..


خالد ممسكاً بيد والده ويشدها:هيا يا أبي حتى لا تتأخر أنت..


وبعد وصولهما للمزرعة والعمل فيها هاهو يرفع صوت الحق
معلناً دخول وقت صلاة الظهر..


أبو خالد:هيا يا خالد أترك ما بيدك سنذهب للصلاة..


خالد:حسناً يا أبي ها أنا قادم..


وبعد أداء الصلاة تلفت خالد فوجد سالم..طار فرحاً..


خالد: أبي هل أذهب مع سالم؟


الوالد:نعم يا بنُي لكن لا تذهبا بعيداً..


خالد:حسناً سنلعب في مزرعة أبي سالم..


الوالد:حسناً بحفظ الرحمن..


خالد يقبل رأس والده: شكراً يا أبي..


ذهب خالد لسالم:أهلاً سالم هل نلعب؟


سالم: نعم ..لكن أين تريد أن نلعب؟


خالد: سنلعب بمزرعتكم حتى أكون بالقرب من والدي..


سالم:على بركة الله..

ذهبا إلى المزرعة وبدأت لعبتهما المفضلة..
لعبة الاختباء
فكان الدور على سالم وخالد هو الذي سيختبئ..بحث خالد عن المخبأ أنه هناك..
أخذ سالم يبحث عنه ..طال البحث بدأ يصيح به لكن لا يسمع أحد..فكر قليلاً وقال بنفسه: ربما ذهب لوالده؟


حسناً سأذهب وإن وجدته هناك سألقنه درساً لن ينساه..


ذهب سالم إلى أبي خالد..فوجد أبو خالد قد جلست تحت ظل الشجرة ويشرب قهوته العربية ويأكل معها تلك الرطبات وما إن رآه أبو خالد حتى هتف به قائلاً:


أهلاً بكَ يا سالم .أين خالد؟


سالم: هاه خالد ليس عندك يا عم؟!!


ينظر له أبو خالد بدهشة ماذا يا بني خالد ليس عندي بالتأكيد أنك تمزح!!


سالم: لا أعلم يا عم كنا نلعب سويا لعبة الاختباء ولم أجده بعد فقلت ربما كان عندك..


قام أبو خالد مفزوعاً هيا يا بني هيا سنبحث عنه..


بدأ البحث عن خالد ..لم يستطع التركيز..أخذ يصيح بين المزارع فأجتمع رجال القرية وبدؤوا يبحثون معه عند الآبار وبين الأشجار..حتى غربت الشمس..فكروا رجال القرية ربما عاد للمنزل..


أبو خالد:ربما لكن لمَ لم يخبرني؟


أبو سالم: ربما نسي..


ذهب أبو خالد وعلامات الحيرة على وجهه..دخل المنزل وإذ به يرى أم خالد ترحب به ..فبادرته أين خالد لا أراه معك؟


أبو خالد:نعم أنه ..أنه عند سالم..فخرج مسرعاً وذهنه شارد..
أنقبض قلب أم خالد..فأول مرة أبو خالد يخرج سريعاً وبهذه الطريقة..


أخبر رجال القرية أنه ليس في المنزل عادوا للبحث من جديد أنتصف الليل وأثار التعب بدت عليهم..


أبو خالد..أيها الإخوة أشكركم على جهودكم سأجد أبني خالد قريباً بإذن الله في أحدى الأماكن أذهبوا لترتاحوا..نظر بعضهم إلى بعض حسناً يا أبا خالد ..


ذهبوا جميعاً إلا أبو سالم أبى أن يذهب حتى يجده..

وأصر على أبو خالد أن يذهب لينام وهو يتولى البحث..لكن كيف بعين الوالد أن تهنئ وتنام وأبنه ما زال مفقود..

هاهو خالد في مخبأه..قد غفت عينه عندما شعر بالراحة..استيقظ فزعاً ..يا ترى إلى أنا؟!!وما هذا الظلام؟!!


أنني أسمع صوت غريب؟!!


نعم تذكرت لقد ركبت سيارة التاجر الذي حمل صناديق الخضار من مزرعة أبي سالم..لكن إلى أين سيذهب؟!


بدأ الخوف يسري بجسده..يريد أن يبكي لكن عيناه تجمدت بالدموع..رفع يديه المرتجفتين يدعو يا رب كن معي..يا رب أريد أمي..يا رب أريد أبي..دعوات بريئة لطفل صغير..
وبعد لحظات شعر بتوقف السيارة ..هم بالنزول حتى يلحق بالرجل بدأ يتخطى الصناديق بصعوبة بالغة من كثرتها وعندما نزل لم يجد الرجل فقد ذهب..


ازداد الخوف..لا يعلم أين هو!!وماذا يفعل!!


الضوء في الشوارع خافت..بدأ يسير بوجل فوجد أمامه مسجداً تهلل وجهه ..ركض نحوه ربما أجد أحد يعود بي إلى أهلي..دخله مسرعاً لكنه لم يجد أحد ..
اتكأ على أحد السواري وقد ضم رجليه نحو صدره وعينيه ترقب الباب ولسانه يلهج داعيا وذاكراً كما علمه والده قائلاً(يا بني أن خشيت أحد فأدعو فإن الله معك)


بعد ساعات حان وقت صلاة الفجر..
وها هو المؤذن فيصل يدخل ومعه المهندس صالح..


فيصل:أنظر يا صالح إنه طفل!!


صالح:ماذا طفل؟!!


اقبلا إليه والخوف ملئ عينيه..


فيصل:أهلاً بك يا بني..من أنت وما الذي تفعله؟!


خالد:أنا خالد بدر..لقد ركبت سيارة التاجر ولا أعلم أين أنا!!


صالح: أنت في مدينة ..حسناً هل تعلم أين منزلك؟


خالد: منزلي في القرية


فيصل: في القرية!!ما أسمها؟


خالد: إنها قريتنا بها الأشجار والثمار..


نظر فيصل لصالح بدهشة..


ثم قال أسمع يا صالح إنه طفل ولا يعلم أين قريته ما رأيك أخذه معي لمنزلي؟!!..


صالح: لا يا فيصل سآخذه أنا وأقوم برعايته حتى أجد أهله..


التفت صالح لخالد: هيا يا بني سأذهب بكَ إلى منزلي..


أمسك خالد بيد صالح وذهبا ..


دخلا المنزل ..أخذ صالح ينادي يا أم ياسر..يا أم ياسر..


أم ياسر :نعم يا صالح ما بكَ؟


صالح:هذا خالد أكرميه ودفئيه ..


أم ياسر :حسناً لكن ما الحكاية..


صالح:سأخبرك حين عودتي من الصلاة فقد قربت إقامتها..


ذهب صالح للمسجد وبعد انقضاء الصلاة صاح صالح بالناس أن أجلسوا..ثم تحدث قائلاً:لقد وجدت طفلاً تائهاً هنا في المسجد وأخذته عندي فمن يسأل عنه فأخبروه بمكان منزلي..


أثنوا عليه وشكروه..عاد صالح للمنزل وأخبر أم ياسر بحكاية خالد..


استبشرت وقالت: الحمد لله أحسنت فعلاً..سيكون لأبننا ياسر أخ ..
أسأل الله أن لا يحرمك الأجر..


هاهي الشمس بدأت بالشروق..
وهاهو أبو خالد يدخل منزله بعد عناء البحث عن ابنه خالد..


أم خالد:ما بكَ لقد تأخرت كثيراً عن المنزل وأين خالد لمَ لم يأتي معك؟!!


فمنذ خروجك سريعاً البارحة شعرت نفسي بالضيق!!


أخبرني وما الذي يدور؟؟!!


جلس أبو خالد وأطرق رأسه ودموعه تنهمر على وجنتيه....


لا أعلم يا أم خالد..أبننا فقد..


أم خالد تجثو على ركبتيها وتهز كتفي أبو خالد:ماذا ؟!


هل أنت متأكد أم أنك تمزح معي؟!!


أبو خالد: نعم منذ أمس وليلة البارحة ونحن نبحث عنه..لكن لم نجده..


أجهشت بالبكاء..أبني خالد لن أراه..


أبو خالد:سيعود بإذن الله انهضي وصلي وألحي بالدعاء حتى يعود..


قام أبو خالد يجر خطاه المثقلة إلى غرفته فألقى بنفسه على الفراش وأخذ يبكي بكاء مريراً وشريط الذكريات يمر أمامه..فهنا كان يلعب..
وهنا كان يضحك..وهنا قد تحدث بصوته الرقيق..وهنا..وهنا..


آآه ذكريات لا تنتهي..متى أفيق وأقول ما حدث كان حلم مزعج..


لكن هيهات أنه واقع مرير..


نام أبو خالد وقد بللت دموعه وسادته..لم يصحو إلا بعد ساعات


نهض إلى أم خالد ليطمئن عليها ..تحدث إليها يا أم خالد لكنها واجمة الفكر..
أتى أمامها ما بكِ يا أم خالد ؟!سيعود أبننا بإذن الله..


رفعت رأسها لتلقي نظرة البؤس ثم سقطت مغشية..حركها ..
لكن لا جدوى أتي لها بالطبيب..


فعلم الطبيب علتها ..إنها مصابة بالفقد وأوصى أبو خالد أن يرعاها ويسليها حتى تنسى ..لكن كيف للوالدين أن ينسيا فلذة كبدهما ونور عينيهما..


مرت الأيام وأبو خالد يمرض أم خالد وكان بين اليوم والأخر يمر عليهم أبو سالم للاطمئنان عليهم..


ها هي أم خالد تتحسن تدريجياً وقد سلمت أمرها إلى بارئها..


لكنها غير قادة على التحدث فالصدمة التي مرت بها أوقعتها بذلك..


لم يفارقها أبو خالد وابنها ماجد الذي لا يعلم ما يدور حوله..


وفي ذات يوم سأل ماجد والديه:أين خالد لم أره ؟!


أريد أن ألعب معه؟!


نظرت أم خالد لأبو خالد أن تحدث فقال:لا أعلم يا بني لكن الله يعلم أين يكون..


لكن يا بني عليك بالدعاء حتى يعود فهذا إختبار من الله يريد أن يرانا نصبر أم لا..


هزت أم خالد رأسها..وبدأ الأمل يعود لها..


أبو خالد لأم خالد: ما رأيك أن ننتقل عن قريتنا حتى ننسى؟!


أم خالد:تنظر له وتشير أن لا..ثم سالت دمعاتها..

أبو خالد:حسناً..حسناً لا تبكي ..سنعيش هنا..


بدأت حياتهم تعود إلى المنزل وعاد أبو خالد للعمل في مزرعته لكن ما زال جرح الفقد لم يشفى منه بعد....


مرت الأيام وخالد يعيش في منزل صالح..يلعب تارة وأخرى يسأل عن والديه..

وفي ذات مرة كان يروي لياسر عن قريته قائلاً:


إنها قرية كبيرة جداً جداً..فيها الأغنام والإبل وفيها الأشجار والنخيل..وفيها صديقي سالم كنا نلعب سويا..


صمت قليلاً والعبرات تخنقه..


أمسك ياسر بيده قائلاً: حسناً يا خالد أنا سأكون مثل سالم سألعب معك..وسنعيش في منزل واحد..


نظر خالد إليه مبتسماً:وأمي وأبي وأخي ماجد يكونوا معنا..


ياسر بلهفة:نعم وتكون عائلتنا كبيرة جداً..


دار هذا الحوار البريء فيما بينهما و كان على مرأى ومسمع من أبو ياسر وأم ياسر ..


نظرت أم ياسر لأبو ياسر قائلة:هل من أخبار عن عائلة خالد؟


أبو ياسر:لا جديد..فقد بحثت في القرى المجاورة لم أجد من يعرفه..


أم ياسر:لقد أحببت خالد كثيراً..فمعاملته أكثر لباقة من ياسر ..


أبو ياسر:نعم لكن عليكِ بالعدل فيما بينهما لأني أخشى من عاقبة التفريق ..


أم ياسر صدقت..صحيح قبل أن أنسى الأن عمر خالد كعمر ياسر وقد قربت العودة للمدارس ما رأيك يكونا معاً..


أبو ياسر:حسناً سأضعهما سوياً في صف واحد..وسأخبر مدير المدرسة عن قصة خالد..


لكن ستواجهنا مشكلة في اسمه..


فكرت أم ياسر ثم قالت:سهلة جداً..بما أنه يعرف اسمه واسم أبيه سنضيف العائلة وهي التائه حتى يعرف..


أبو ياسر فكرة رائعة..حسناً من غداً سأعمل الإجراءات والأوراق التي تضمن حقوقه..حتى نطمئن على مستقبله..


بعد فترة استطاع أبو ياسر أن ينهي الإجراءات لخالد..


ثم ذهب للمدرسة وسجله مع ياسر..


أشرقت شمس ذلك اليوم..وهاهو خالد مع ياسر يحملا حقائبهما..والبسمة تعلو محياهما


أم ياسر: صباح الخير يا أبنائي..ما شاء الله اليوم جميل..


بحملكما لهذه الحقائب ..أرى أنكما سترفعان رأسي بإذن الله..


أبو ياسر:هيا لنتناول وجبة الإفطار حتى لا نتأخر عن المدرسة..


تناولوا الإفطار وودعتهما أم ياسر بدعواتها لهما..


وفي أثناء الطريق..
أبو ياسر:ياسر..خالد..ستكونا في صف واحد..وستتعلما سويا..


ياسر:حسناً يا أبي..


خالد:حسناً يا عم لكن متى سأذهب لقريتي؟!
فقد اشتقت لأمي وأبي وأخي ماجد..
أبو ياسر والعبرة تخنقه: قريباً يا بني لكن عليك أن تتعلم وتجتهد ..


هيا يا أبنائي هذه مدرستكما ..


دخلا ياسر وخالد المدرسة بكل سرور وفرح..


وبدأ اليوم الدراسي من حضور الطابور إلى بدأ الإذاعة المدرسة والترحيب بالطلاب الجدد ثم الذهاب للصف
وتوزيع الكتب والتعريف ببعضهم واللعب قليلاً وبدأ بعض الدروس التدريبية..وهكذا..


دق جرس معلناً انتهاء اليوم المدرسي والإذن لهم بالخروج لمنازلهم..


أمسك خالد بيد ياسر وذهبا إلى بوابة المدرسة وكان ينتظرهما أبو ياسر..
تحدثوا في أثناء الطريق عن المدرسة ويومهم الدراسي..
وصلا المنزل وكانت أم ياسر تنتظرهما :أهلاً بكما كيف حالكما؟ ..


حدثوني عن المدرسة..
أخذ ياسر يتحدث عن الصف وعن زملاء تعرف عليهم ثم أتى دور خالد فتحدث عن إعجابه بالمدرسة وإنها ليست كمدرسة القرية فهذه تضم أعداد كبيرة من التلاميذ..


وبدأ يتحدث عن قريته التي لم يكل ولم يمل من الحديث عنها..


وبعد تناول الغداء بدأت أم ياسر بمساعدتهما في حل واجباتهما..


حل المساء وتناولوا وجبة العشاء ثم ذهبا إلى النوم..


حتى يستيقظا لبدأ يومهما الجديد في مدرستهما العامرة..


لكن خالد لم ينم إلا متأخر..فالأفكار تراوده..كيف أصبح أبواي!!وهل هما بخير؟! كذلك أخي ماجد هل كبر؟!


آآه أنني بشوق لرؤيتهم..سالت بعض الدمعات من عينيه لكن مسحها سريعاً حتى لا يراه أحد..ثم غط بنومه لعله يحظى برؤية أحبابه في المنام..


أم ياسر لأبو ياسر: سبحان الله اليوم مر سريعاً..


أبو ياسر: صدقتِ ما أسرعه..كيف وجدتِ خالد هل يحتاج شيئاً؟!


أم ياسر: لا أبداً لم يخبرني بشيء..لكن يتحدث كثيراً عن والديه وأخيه..والله أن فؤادي يتألم.


أبو ياسر: لا يلام..عليكِ بتسليته حتى نجد أهله..


أم ياسر: أبشر بإذن الله..


وفي ذات يوم وحين عودتهما من المدرسة...

أخذ خالد كراسة فبدأ يرسم ..نظرت إليه أم ياسر وهي تردد:ما شاء الله تبارك الله..ماهذه اللوحة الر ائعة؟!!

خالد:إنها أشجار مزرعتنا..كنت ألعب حولها مع أخي ماجد وكان والدي يسقيها..أما أمي دائماً تقول لا تقطعوا الأشجار فهي تعطينا الظل والثمار..


أخذت أم ياسر تدافع عبراتها وتضمه إليها قائله:ستعود لهم يا بني وسيكون حبك كحب ياسر في فؤادي لا تقلق..


نظر إليها وهو يمسح دمعاتها:لا تقلقي يا خاله أنني أدعو الله كما علمني والدي..


جاء أبو ياسر ورأى لوحة خالد التي رسمها فجشعة بالاستمرار..بدأ خالد يرسم ما تقع عليه عيناه من أشجار وأقلام وغروب شمس وغيرها..


يوم بعد أخر يشعر بتحسن في أداءه ..


أما ياسر لم يكن يجيد الرسم لكن لديه موهبة الخط هكذا رآه والده عندما يمسك بالقلم ليكتب..


مرت السنوات وقد كبرا وزاد إبداعهما بالتشجيع ..


وفي ذات يوم عادا من المدرسة والبشر في وجوههما ..


ياسر:أبي هذه دعوة لنا للمشاركة لمسابقة ستقام على نطاق المدارس وهي عن الرسم والتصوير والخط وغيرها ما رأيك هل نشارك؟


أبو ياسر: بالتأكيد فهذه فرصة لكما قد أتت إليكما فلا تضيعوها فاقتناء الفرص جميل في حياة المرء..


خالد:لكن يا عم للمشاركة في هذه المسابقة نحتاج لبعض الأدوات لنبدأ العمل وربما تكلفك مبالغ كثيرة ..و...


قاطعة أبو ياسر وإن كان يا بني..فأنا قادر على توفير متطلباتكما بإذن الله ..


أسمعا لو تطلبا أغلى شيئاً في الدنيا لأحضرته لكما المهم أن أراكما في سعادة..


خالد وياسر يقبلا رأس أبو ياسر:شكراً لك ..أطال الله بعمرك..


أحضر أبو ياسر لهما متطلباتهما فخالد له أدوات الرسم والألوان والمسند التي يضع عليها اللوحة والفرشاة وغيرها


وياسر له الأقلام و قراب القلم المُدَى " السكاكين" والمداد والمحابر وصندوق المحبرة وغيرها


فكر خالد باللوحة التي سيشارك بها ..
نعم وجدتها ..


أما ياسر لم يكن يعلم برسمة خالد فقد كان في معزل عنه
فكر الأخر عن ماذا سيكتب وما سيجود به قلمه..


نعم وجدتها فبدأ عمله بكتابة الأبيات.


وبعد الانتهاء من عملهما ذهبا إلى مقر المسابقة وكل واحد منهما قد غلف لوحته ولم يخبر كل منهما الأخر بما شارك ..


مرت الأيام وهاهي النتائج قد اقتربت..

وسيعلن عنها في المسرح الثقافي في المدينة..


الخوف والقلق بدأ يظهر على خالد وياسر..


أم ياسر: ما بكما أنا واثقة من فوزكما بإذن الله..


أبو ياسر:نعم يا أبنائي في مساء غداً ستعلن النتائج سنذهب هناك..


في تلك الليله لم يستطيعا أن يهنئا بنومهما..


وفي مساء الغد ذهبوا إلى المسرح الثقافي..
استقبلهم الأساتذة و رحبوا بهم وأرشدوهم للمكان المخصص لهم..


اجتمع الحضور وامتلأت المقاعد..وهاهي النتائج مع لجنة التحكيم..


بدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم..ثم كلمة راعي الحفل الدكتور عبد السلام حيث حث الحضور على الاستمرار والرقي بإبداعهم وتميزهم..


وبعد انتهائه أحضرت المشاركات وقد غلفت مرة أخرى بعد تقييمها..


هاهو رئيس لجنة التحكيم الأستاذ عبد الله سيبدأ بعدّ الأسماء الفائزة..


بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


لقد أحضرت إلينا مشاركات عديدة واحترنا بجمالها لكن أجمل ما رأينا في فن الرسم هذه اللوحة للمشارك..


بدأ خوف خالد وياسر يزداد ..


الأستاذ عبد الله: أنه المتسابق خالد بدر التائه..


فليتفضل باستلام جائزته..
ثم فتح اللوحة


وإذ به قد رسم عن ذلك المسجد المأسور إنه الأقصى..


أبو ياسر: الله أكبر ولله الحمد..


ذهب خالد فقبل رأس أبو ياسر ويشكره ..ثم ضم ياسر وهو يدعو له..


ذهب خالد لاستلام الجائزة


ثم عاد لمقعده فبادره ياسر:سبحان الله إن أرواحنا متصلة..


خالد: لم أفهم ماذا تقصد؟!


ياسر: إن كان الفوز من نصيبي فسترى وإن لم يحالفني الحظ سأخبرك بإذن الله..


بدأ القلق يزداد والكل يترقب ..


ما مصير ياسر...
بدأ الأستاذ عبد الله يعد الأسماء المشاركة في الرسم ثم قال والآن حان دور مشاركات الخط..


واخترنا أجمل الخطوط والعبارات التي تكتب بماء الذهب..
الصمت يعم المكان والكل يترقب..


و ياسر ممسك بيد خالد من شدة القلق..


فتح الأستاذ المشاركة وإذ بها أبيات لشاعر حمل هموم أمته..مكتوبة بأفضل الحلل


أيها الأقصى أعرني أذناً..حرة تسمع أغلى خبر


إنني أبصر كفاً حملت..درة ليست كباقي الدرر



بدأت الأصوات تتعالى من شدة اعجابهم بها..
ثم هتف الأستاذ عبد الله إنها للمتسابق


ياسر صالح..فليتفضل..

أبو ياسر: الله أكبر ولله الحمد..


بكى ياسر وقبل والده..


واستلم جائزته وعندما عاد قبله خالد مرة أخرى و همس له نعم أرواحنا متصلة..وهدفنا واحد.. الأقصى الأسير..


و بعد انتهاء الحفل تهافتوا الأساتذة والمشرفين ليباركوا لهم هذا الإنجاز..
خرجوا من القاعة والدنيا لا تسعهم ..
ولم يشعروا بطول الطريق لمنزلهم والإزدحام من شدة فرحتهم..


دخلوا المنزل وأم ياسر قلقة وتنتظر مجيئهم..


اقبلوا عليها ..ليزفوا لها البشارة


أبو ياسر :يا أم ياسر أبشري ..لقد كان الفوز من نصيبهما..


أم ياسر وهي تبكي..الحمد لله لقد أزداد شرفي بكما..


خالد يبكي بحرقة..


آآه يا خاله ..من سيخبر الأحباب وأهلي بما صنعت؟!!


ثم أجهشوا جميعاً بالبكاء من كلماته..


وفي ذات مساء...

وفي ذات مساء...

إذ بجرس الهاتف يرن..


أبو ياسر:السلام عليكم ورحمة الله..


الرجل:وعليكم السلام هل هذا منزل المهندس صالح


أبو ياسر :نعم من المتحدث؟


الرجل: معك مدير مؤسسة الإبداع..قد رأينا لوحات أبنائك ياسر وخالد
ونريد أن نتبنى أفكارهما وننمي موهبتهما..


فهما من الشباب الصاعد الذي سينهض بالأمة بإذن الله..


أبو ياسر: جميل جداً..حسناً سأخبرهما سأعاود الاتصال بكم بعد أيام..


المدير: حسناً بإذن الله مع السلامة.


أبو ياسر: شكراً لك بحفظ الرحمن..


أغلق أبو ياسر الهاتف ثم ألتفت إلى ياسر وخالد


وأخبرهما بما دار بينه وبين مدير المؤسسة..


ياسر لا أعلم لكن سأفكر..


خالد:أنا سأستخير وأخبرك بإذن الله..


بعد أيام جاء خالد لأبو ياسر يا عم أنا سألتحق بهذه المؤسسة لكن دراستي..


أبو ياسر: حسناً بالنسبة لتعليمك فسيكون هناك ترتيب بين تنمية موهبتك وبين تعليمك..


خالد: حسناً يا عم ومتى سيكون الالتحاق..


أبو ياسر: بما أن اختبارات نهاية المرحلة الثانوية قد اقتربت سأخبرهم أن التحاقك سيكون في الإجازة..


خالد:هذا أفضل..شكراً لك يا عم ..


بعد لحظات جاء ياسر إلى والده..


أبي لن ألتحق بالمؤسسة..


الوالد:ولمَ ؟


ياسر: هكذا أريد الحرية..بعدم الارتباط مع أي مؤسسة..و لست بحاجة لمن ينمي موهبتي..


نظر إليه أبو ياسر: يا بني فرصة تفوتك..


ياسر:سأجد غيرها..


أبو ياسر: كما تشاء يا بني..


أتصل أبو ياسر على المؤسسة وأخبرهم بأن خالد سينضم معهم لكن في الإجازة..


رحب المدير به وبتألقه و بأي وقت يناسبه..


هاهي الاختبارات قد انتهت ومعدل درجاتهما عالية..


أبو ياسر والسعادة تملأ قلبه: الحمد لله ..


هاه أي قسم تبدعا فيه..


خالد: يا عم ربما قسم اللغات..


أبو ياسر: شيء جميل..وأنت يا ياسر؟!


ياسر: سيكون الهندسة الزراعية..كتخصصك..


فهذا الشبل مع ذاك الأسد..


ضحك والده..حسناً أيها الشبل..


بدأت الإجازة وبدأ خالد ينمي موهبته في تلك المؤسسة..


أما ياسر فقد ذهبت الإجازة دون أن يستفيد منها..


مضت الأيام وبدأ عامهما الجامعي


ولأول مرة يفترقا في مقعدهما الدراسي..


كان في بداية الأمر صعب..لكن أجبرا على التكيف ومواكبة الواقع..


مرت السنوات..وعلى أعتاب التخرج من الجامعة..

هاهو خالد يجتهد ليكون من الأوائل..


سهر اليالي ..ودعاء رب العباد..


أما ياسر فقد تغير مستواه كثيراً..لا يبالي بشيء..



خرجت النتائج ووثائق التخرج وكان فارق الدرجات بينهما كبير جداً..


أبو ياسر: الله أكبر ..لقد رفعت رؤوسنا يا خالد..


خالد: الحمد لله..هذا بفضل الله ثم بفضلكم..


أم ياسر:وأنت يا ياسر لقد اجتهدت والحمد لله على كل حال..


ياسر: يهز رأسه بعدم رضاه نعم يا أمي..


أبي سأكون معك في مكتبك لأتعلم..


الوالد: نعم يا ياسر وحتى تكون مثل والدك..


خالد: بالتوفيق لك ياياسر..أما أنا سأكمل دراستي..


أبو ياسر: تبارك الرحمن..ماهذه الهمة ..أؤيدك بهذا..


وفي ذات يوم..


أبو ياسر:يا أبنائي أن أم ياسر متعبة قليلة أصابتها الحمى وهي بغرفتها..


أنا سأذهب إلى إحدى القرى فقد طلبني أحدهم هناك..


ياسر:سأذهب معك يا أبي..أريد أن أرى القرية..


أبو ياسر: ماذا؟! أقول لك أمك مريضة..وتقول سأذهب ..


من سيرعاها وأنت تعلم أن خالدا ليس من محارمها..


انتبه لوالدتك..ثم ذهب..


ياسر عليه علامات الغضب..


ألتفت خالد لياسر قائلاً:ياسر اذهب لخالتي ربما تحتاج شيئاً!!


ياسر ينظر إليه بشزر:نعم سأذهب بعد قليل..


قام خالد لخالته يطرق الباب وقال من خلفه: خالتي هل تريدين أن أحضر لكِ شيئاً؟!


أم ياسر:من خالد!! لا بنُي رعاك الله..


ذهب خالد لياسر..ياسر أذهب لخالتي لا بد أنها قد تحرجت مني ربما تحتاج شيئاً..


ياسر:أوووف ..ماذا تريد أنت مني؟!


هل تظن بمعاملتك هذه أنك الابن البار؟!


أفهم ما أقوله: أذهب أنت وأبحث عن والديك!!


فنحن لسنا بحاجتك ولسنا أهلك!!


كانت تلك الكلمات سهام وجهها ياسر بلا رحمة لقلب خالد المكلوم..
كم كانت طعنة قوية تلقاها خالد جعلته يخرج كطائر كسير الجناح
يحاول أن يرفرف بعيداً باحثاً عن المأوى!!


لكن إلى أين؟!


وأين أمي وأبي وأخي؟!


هاهو شريط عبارات ياسر المسمومة تلوح أمام ناظريه..وتكاد أن تُصِّم أذنيه وهو هارب بسيارته..لم يقطع ذلك الشريط إلا...

صوت ارتطامه بسيارة أخرى..

نقل سريعاً للمستشفى..


كانت حالته خطيرة فوضع على أثرها في غرفة العناية المركزة..


بدؤوا يبحثون في إثباتاته ما يدل على هويته للاتصال على ذويه..


في أثناء ذلك هاهو أبو ياسر يدخل المنزل بعد صلاة المغرب عائداً من القرية..
لم يجد خالد في استقباله كالعادة فسأل عنه:أين خالد؟!


ياسر وكأنه بركان ثائر:خالد!!خالد!!خالد!!


أما سئمتم؟!


قطع صوت ياسر رنين الهاتف..


أبو ياسر يرد:السلام عليكم..


المستشفى:وعليكم السلام هذا منزل خالد بدر التائه؟


أبو ياسر:نعم من المتحدث؟


المستشفى:معك إدارة المستشفى العام..أبنكم خالد مصاب هو بخير..ونريد أن تحضروا..


أبو ياسر يلقي السماعة على الأرض ويجلس من شدة الصدمة..


ياسر: ما بكَ يا أبي..ثم أخذ السماعة من المتحدث..


فأعاد عليه ما قاله لوالده..


أغلق ياسر السماعة وهو ينظر لوالده.. أبي هل تريد أن تذهب؟!


الوالد:نعم يا بني..فخالد أبني أيضاً..هيا لنذهب إليه..


ياسر في تردد:ماذا ؟!أذهب؟!


أبو ياسر: نعم فأنا لا أستطيع أن أقود السيارة..


ياسر:لكن!!حسناً سأذهب بك..


في أثناء الطريق إلى المستشفى الصمت مخيم على المكان ويقطع أوصاله زفرات أبو ياسر ودعواته التي يلهج بها لخالد..


دخلا المستشفى فذهب أبو ياسر لموظف الاستقبال يسأله عن مكان خالد!!


موظف الاستقبال: تعال يا عم هنا الطبيب المعالج لابنك سيخبرك بحالته..


أبو ياسر: ياسر لمَ أنتَ واقف هناك؟!!تعال معي..


جاء ياسر يجر خطاه..لا يعلم ما الذي سيفعله!!


دخلا على الطبيب..رحب بهما وذكرهما بالله وأن هذا قضاء الله وقدره ويجب الإيمان به..


أبو ياسر:أقلقتني يا دكتور هل خالد حي؟!


الطبيب: نعم أطمئن..لكن الحادث الذي تعرض له أدى إلى إصابته بغيبوبة فوضعناه بالعناية..


ياسر: ماذا ؟! العناية!!والعبرات تخنقنه وكأنه يتنفس من ثقب إبرة..
أريد أن أراه..


أبو ياسر: نعم يا دكتور نريد أن نراه..


الطبيب:حسناً تفضلا من ها هنا..


ذهبوا إلى تلك الغرفة..فأسرع ياسر بالدخول على خالد..
رأى الأجهزة محاطة به..وقد لف جسمه بالضماد..
أقترب أكثر ليس أمام مخيلته إلا أخر اللحظات معه وهي لحظة الشجار..
فيهفو قلبه أن يقبل رأس خالد ويعتذر منه ويتحدث إليه..
ولكن كأنه ألجم لجاماً فلم يستطع أن ينبس ببنت شفه..
ولم تكن حيلته إلا أن يجهش بالبكاء..


أما أبو ياسر لم يكن أحسن حالاً من ياسر..ما إن رآه حتى جثا على ركبتيه ولم يتمالك نفسه الأخر فأجهش ببكاء مرير..
بدأ قلب خالد ينبض بسرعة كما يظهره جهاز التخطيط فقام الطبيب بإخراجهما..


ثم تحدرت من عيني خالد تلك الدمعة..
أخذهما الطبيب لغرفته..


الطبيب:أبو ياسر..لم أتوقع منك هذا.. عليك بالصبر والدعاء له..
وأنت كذلك يا ياسر..


أبو ياسر: أعذرني لم أتمالك نفسي..يارب أشف خالد يااارب..


ياسر: يا دكتور أسمح لي أن أرافق خالد..


الطبيب:الآن لا نستطيع السماح لك لأنه تحت الملاحظة..
بإذن الله أن تحسنت حالته..


عليكما الآن الذهاب للمنزل فكونكما هنا لا يجدي نفعاً..


أبو ياسر:آآه ياليتني كنت مكانك يا خالد حتى لا أراك هكذا..


ياسر وهو يضم أبيه :أبي عليك بالدعاء..هيا لنذهب للمنزل وغداً سنأتي ..


أبو ياسر:يا بني لا أستطيع أن أذهب واترك خالد ها هنا..أذهب أنت..


ياسر: يا أبي لن نقدم له شيئاً..


يا أبي...وبدأت محاولاته جاهداً حتى يذهب للمنزل فوافق على مضض..


دخلا المنزل وصعدا للعلية..


ذهب أبو ياسر بخطاه المتعبة لغرفته..


دخل على أم ياسر وهي ما زالت على فراشها وتعاني من مرضها..


أم ياسر: أهلاً بك يا أبو ياسر..مالي أراك شاحب الوجه؟..
هل أنت متعب؟!!..


أبو ياسر :لا شيء..


أم ياسر: لا شيء وأنا أشعر أن هناك شيء..


منذ خروجك العصر لم يأتني ياسر ..فقط خالد طرق الباب ليطمئن..
وذهب بعد لحظات سمعت أصوات عالية وفجأة عم الصمت المكان..


أبو ياسر: ربما التلفاز لا عليكِ..صحيح خالد ذهب للمستشفى..
لديه بعض الإجراءات..


أم ياسر:ماذا ؟! ..


أبو ياسر:نعم..اطمئني..سيعود قريباً..


أم ياسر: يا رب..


في أثناء ذلك..هاهو ياسر يفتح غرفة خالد ..


يقلب ناظريه..وكأنه يسمع صوت الذكريات بها..


هذه سجادته..وهذا مصحفه..هذا دفتره الذي لازمه منذ سنوات يكتب فيه ذكرياته المؤلمة والمفرحة.. لعله في يوم ما يحدثها لأبنائه..


جلس ياسر على الكرسي يقلب بين يديه صفحات ذلك الدفتر ..
فقرأ فيه ذكرياته مع خالد..قرأ مدى شوق خالد لأمه وأبيه وأخيه ماجد..
قرأ حبه الشديد لياسر..قرأ..وقرأ...


إنها ذكريات أخ له لم تلده أمه..


الذي كان معه في الرخاء والشدة..


آآه يا خالد..متى تعود لأقبل جبينك وأعتذر عن كل شيء..


أجهش بالبكاء..ألتفت إلى فراش خالد فمضى نحوه..لشتم رائحة عطره ..
الذي قد أهداه ياسر له..ويسمع حديث الفراش


الذي هجره خالد في ليال الشتاء الباردة ليقوم الليل
ويناجي رب البريات عندما تنام الخلائق..

وبينما ياسر كذلك..
استسلم لغفوة على فراش خالد..


رأى فيها خالد يناديه..ياسر..أخي ياسر..أنا بخير..


نهض ياسر مفزوعاً..خالد أين أنت؟!


خالد أنا هنا؟! هل تسمعني؟!


خالد أريد ضمك وتقبيلك!!


لكن لا يسمع أحد ..


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..أنه حلم..


ذهب لغرفته يجر خطاه المثقلة..أنتصف الليل وهو ما زال مستيقظاً..
يدعو لخالد ويريد شمس الغد أن تشرق حتى يذهب لخالد..


هاهو الطبيب المناوب يدخل على المرضى للاطمئنان عليهم..


دخل غرفة خالد..بدأ في قياس ضغط الدم..ثم معرفة مقدار الجلوكوز المناسب له..وهكذا


بعد لحظات بدأ جهاز تخطيط القلب يعلو فيعلو..


حاول أن يعرف السبب لكن لا جدوى..


خرج لينظر من النافذة الزجاجية فعادت النبضات كما كانت بوضعها الطبيعي..


مرت الأيام وخالد مازال على وضعه..
مع تردد زيارة أبو ياسروياسر له..
وكل يوم تزداد حالتهما سوء عندما يشاهداه على وضعه بسكون دون حراك..
لكن هناك ما يحير الطبيب المناوب بوضع نبضات خالد التي تزيد كلما دخل عليه..


أخبر الطبيب المناوب أحد زملائه..
فرد عليه قائلاً:لا عليك ربما مصادفه..لكن الطبيب المناوب لم تهدأ نفسه..


وفي جلسته العائلية مع والديه اللذان يسكنان القرية ..


ومع تجاذب أطراف الحديث..


الطبيب المناوب:أبي لدينا مريض اسمه خالد حيرني..
كلما دخلت عليه زادت نبضات قلبه لا أعلم لمَ؟!


الوالد يبتسم ..آآه هذا الاسم أحبه كثيراً..تزداد نبضات قلبه!!
ربما فيك جاذبية له..


الطبيب:وأنا كذلك أحبه ..حتى أسم والده أسمه بدر لكن..


قاطعة الوالد:ماذا؟! يابني أريد أن تتحقق من هو ومن عائلته؟


الطبيب:ولمَ؟


الوالد: سأخبرك لاحقاً بإذن الله..


بدأ الطبيب المناوب البحث عن هوية خالد..ومن يكون..


فعرف أن أبو ياسر ليس الأب الحقيقي له ولكن يعيش معه عندما فقد عائلته..


عاد الطبيب المناوب لقريته بعد أن انتهى من عمله وبدأت إجازته الأسبوعية..


وبعد صلاة العصر..ومع تناول القهوة العربية هاهو يحدث والده عن خالد..


أبي لقد علمت من هو خالد..أنه يعيش مع رجل أسمه صالح بعد أن فقد خالد عائلته..


الوالد:ماذا؟!


يا بني أريد أن أراه حالاً لأطمئن!!


الطبيب:ولماذا يا أبي؟!


أبي أنت غير قادر على الذهاب بالسيارة لمسافة طويلة؟


الوالد:لا عليك..أريد أن أراه فلا تقطع هذه الأمنية..


الطبيب:حسناً غداً سنذهب بإذن الله..

أشرقت الشمس..
ركبا السيارة ليذهبا للمدينة..أثناء الطريق كان الوالد
ينظر بإحدى عينية القلق والوجل..أما الأخرى التفاؤل والأمل ..
مرت الساعات وكأنها دهر..
الطبيب: ها قد وصلنا المدينة.. لحظات ونكون عند المستشفى..
الوالد: الحمد لله..أسأل الله أن يمد في عمري حتى أرى خالد؟
الطبيب:بإذن الله..
وصلا المستشفى..نزل الوالد بلهفة..
يمشي بعكازه..وقد أحدودب ظهره ورق عظمه..
يريد أن يسرع لكن خطاه كأنها تحتضر..
أخيراً دخل على خالد ومعه أبنه والطبيب المعالج..ودقات نبضه تحدثه وتقول أنه هو..
وقف الوالد عند رأس خالد قائلاً:هذا خالد يا دكتور؟!
الدكتور:نعم يا عم..
ما هي إلا لحظات حتى بدأ مؤشرالنبض لخالد يزداد
لكن هذه المرة تختلف فقد أسرعت بكثير..
أخذ الوالد يقلب نظره في جسد خالد..فوقعت عينه على يده اليسرى..
قال في نفسه هذا ما أبحث عنه..
يا دكتور هل هذا الأثر الذي بيده من الحادث؟
الدكتور:لا يا عم يبدو أنه منذ زمن..
صرخ الوالد:إنه هو:ابني خالد..
هذا الأثر كان منذ صغره..عندما كان يلعب عند والدته
فسقط في النار فاحترقت إصبعيه فالتصقتا معاً..
انكب أبو خالد على خالد يقبله ويبكي..ثم سجد لله شكراً..
نظر الطبيب المناوب(ماجد):ماذا أخي خالد؟
أبو خالد:نعم يا ماجد..هذا خالد..لقد جمعني الله به بعد هذا العمر..
بكوا فرحاً..
ماجد:إذاً يا أبي يعرفنا ؟..
أبو خالد: نعم وهذه دقات قلبه تتحدث بذلك..
أخذ جهاز النبض يعود لحالة الاستقرار ..ثم بدأ خالد يفتح عينيه..
معلناً بذلك إنه قد استيقظ من الغيبوبة ..
نهض ماجد إليه مسرعاً:حمداً لله على سلامتك يا أخي..
خالد ينظر إليه ويشعر بصعوبة بالغة في النطق
ثم سأل:أين أنا؟!
ماجد:أنت بخير بإذن الله لا تقلق..
خالد:ومن أنت؟!وماذا تريد؟!
ماجد:أنت خالد..بإذن الله ستشفى..
خالد:بدأت أسئلته تنهال على ماجد..
أبو خالد:لم يستطع أن يقف من شدة الفرح..يا بُني أنت بخير..
خالد ينظر له ..لا استطيع أن أتذكر..
ماجد استغرب من كلماته..
ألتفت لوالده أبي يجب علينا أن نترك خالد الآن ليرتاح..
الوالد:لا يا بنيُ أريد أن أتحدث معه وأشبع ناظري منه..
ماجد:حسناً يا أبي لكن ليس الآن ..
أبو خالد: يشعر بضيق..
حسناً خذني لأقرب مكان لارتاح وأعود له في المساء..
ماجد:حسناً يا أبي..
في هذه الأثناء..دخل أبو ياسر وياسر لغرفة خالد..
بعد أن وصل الخبر لهما أن خالد استيقظ من غيبوبته..
نظرا لماجد ووالده.. وفي نفسهما ما الذي يفعله هذا المسن مع الطبيب في غرفة خالد؟
ماجد:السلام عليكم أهلاً بكما..يا عم أبو ياسر هذا والدي..
أبو ياسر: وعليكم السلام..أهلاً بكما..
ماجد:أريد أن أتحدث إليكم بأمر هام..
أبو ياسر: وما هو؟!..
ماجد:تعالوا نتحدث في خارج الغرفة..
فخالد لا بد له من الراحة..
ذهبوا جميعاً لغرفة الدكتور ماجد..
ثم بدأ ماجد يتحدث عن الأقدار وكيف جمع الله نبينا يعقوب بابنه يوسف بعد سنوات..وإنه قادر سبحانه أن يجمع الوالد مع ولده..
ثم قال:يا عم صالح..هذا أبي..وهو أبو لخالد أيضاً..
أبو ياسر:أطرق رأسه وكأنه ألجم بلجام..
صرخ ياسر:لاااا لاااا لا أريد أن تأخذوا مني أخي خالد..هل فهمتم..
أبو ياسر:أصمت يا ياسر لنستمع للدكتور..
الدكتور ماجد واصل حديثه قائلاً إن أردتم التأكد سنقوم بالإجراءات والفحوصات من خلال الحمض النوويdna
أبو ياسر:نعم الرأي لنرتاح جميعاً.....
في صباح اليوم التالي ..
بدأ الفحص فأخذت عينات من دمائهم للتأكد..
وبعد ساعات أُعلن أن خالد هو أبن لبدر وأخ للدكتور ماجد..
فرح الجميع بهذا الخبر..لكن أبو ياسر وياسر بدأت عليهما أثار الحزن كيف سيتركهم خالد بعد هذه السنوات..
هاهو ماجد يدخل على خالد ليزف له البشارة لكنه صعق لما علم أن خالد فقد ذاكرته..
فبدأت معاناة خالد من جديد..
ماتت الفرحة في مهدها..لتعلن بذلك أنها ستعود بعودة الأمل..
خرج ماجد ويكتم حزنه عن والده وعلامات الضيق تبدو على وجهه..
ماجد:أبي إن خالد بخير لكن سيحتاج لبعض الوقت حتى يعود..
الوالد:الحمد لله إذاً دعني أدخل عليه..أريد أن أشم ريحه وأضمه لصدري..
ماجد:لكن!!
هيا يا أبي لكن لا نريد أن نثقل عليه فقد تسوء حالته..
الوالد:حسناً بإذن الله..
دخل أبو خالد مع ماجد على خالد..
خالد يقلب ناظريه ولا يعلم من يكون..
قام أبو خالد بتقبيله وضمه فسالت تلك الدمعة التي أخفاها سنين..ثم أخرج تلك الزفرة والتي أعلنت أن جرحه الغائر قد ضمد برؤية ابنه خالد..
ها هو خالد ينظر لأبيه وأبو خالد ينظر له..
تبادل النظرات فيما بينهما وصمت يعم المكان..
ماجد:هيا يا أبي لنتركه يرتاح..
أبو خالد:يريد أن يبقى..لكن لا يريد أن يثقل على أبنه المريض..
حسناً في حفظ الرحمن يا بني..
خرج أبوخالد والسعادة تغمره..كيف لا وقد وجد ابنه ..
أخذ أبو خالد يتردد بزيارته لخالد وهو يذكره في أيامهما..
لكنه لم يجد القبول من ابنه فقط نظراته له بدهشة وصمته المحير..
أما ماجد بدأ البحث عن علاج لخالد كيف تعود له ذاكرته..
وجده هناك..أنه عند الطبيب النفسي..
الطبيب النفسي:أسمع يا دكتور ماجد ربما الأخ خالد تعرض لهذه الحالة..عندما تعرض لضربه على رأسه
ربما من أثر الحادث الذي تعرض له ..
لذلك عليك الآن أن تعرضه لمواقف سابقة في ذاكرته..
كالمنزل مثلاً..
ماجد بلهفه..حسناً بإذن الله..
ذهب ماجد لأبو ياسر وياسر..وأخبرهما بما جرى لخالد لكن أوصاهما أن لا يخبرا والده فتسوء حالته هو أيضاً..
أبو ياسر:لا إله إلا الله.. ماذا أفعل؟!
ياسر للدكتور ماجد:حسناً إذا سيعود لمنزلنا وهناك بإذن الله سيتذكر ..
ماجد:نعم هذا هو الحل ..جزاك الله خيراً..
ذهبوا للطبيب المعالج والطبيب النفسي فوافقا على خروج خالد لمنزل أبو ياسر لكن بشرط أن لا يغدقوا عليه بالأسئلة فتزيد من حالته..
أذن له وخرجوا جميعاً به إلى المنزل..
ذهبا ياسر وماجد معه للعلية ليرتاح بغرفته..
لكنه بدأ يصيح ويصرخ..
خالد:أريد أن أذهب..
ماجد:إلى أين يا أخي؟!
خالد: لا أعلم ..أنا من أنا؟!
أشعر بضيق ها هنا!!
ياسر :ماذا نفعل يا ماجد؟
ماجد:ناولني الدواء المسكن لأعطيه أياه.
تناول خالد دوائه على مضض ثم غط بسبات عميق..
نزلا لأبو ياسر وأبو خالد..
أبو خالد:هاه كيف وجدتم خالد؟
ماجد:في أحسن حال أنه نائم الآن
أستأذنكم للخروج قليلاً سأعود بإذن الله..
أبو خالد:في حفظ الرحمن يا بني لكن لا تتأخر في العودة حتى نعود لقريتنا فأمك منذ إسبوع لا تعلم شيئاً عنا..وسنأخذ خالد حتى تفرح كما فرحنا..
ماجد:حسناً بإذن الله مع السلامة..
أبو ياسر ينظر لياسر فوجهه متلوناً يريد أن يعرف ما الذي دار بينهم ..
لكن لا يستطيع التحدث بحضرة أبو خالد..
ذهب ماجد للطبيب النفسي ليخبره بما جرى لخالد..دخل عليه..
الدكتور ماجد:السلام عليكم
الطبيب النفسي: وعليكم السلام أهلاً بك..
الدكتور ماجد..لا أعلم ما أقوله..
لقد ساءت حالة خالد لما رأى غرفته التي يسكنها منذ سنوات..
الطبيب النفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله..
إذاً يجب إحضاره إلى هنا للإطمئنان عليه..
الدكتور ماجد:لا استطيع إحضاره بسبب سوء حالته وأخشى أن يعلم والدي
لذلك يا دكتور أريد حل أخر..
الطبيب النفسي:حسناً يوجد حل أخر هو تعرضه لشخص غالي على قلبه..
سَكَتَ ماجد هُنَيَّةً :نعم هي ..هي..شكراً لك يا دكتور..
ذهب ماجد سريعاً لمنزل أبو ياسر..
دخل عليهم وأخبرهم أن لا بد لهم أن يعودا غداً للقرية على وجه السرعة..
أبو ياسر:ولماذا يا بني؟!في هذه السرعة..
ماجد: يا عم حتى يرتاح خالد هناك..
أبو خالد:هذا ما أردته أن نعود..
حسناً سأذهب للنوم حتى أرتاح فغداً سأطوي الرحال. أستأذنكم ..
أبو ياسر: قد جهزنا لك تلك الغرفة يا أبا خالد فارتاح بها..
أبو خالد: جزاك الله خيراً..
وما إن أغلق أبو خالد باب غرفته حتى روى ماجد ما دار بينه وبين الطبيب ولابد لهم من العودة لأجل خالد ربما تعود له الذاكره..
أبو ياسر:حسناً سنذهب جميعاً للقرية..
ياسر:نعم فأنا لا أستطيع أن أترك خالد..
وفي صباح اليوم التالي..
وبعد تناول الإفطار ودع أبو ياسر وياسر أم ياسر وأخبروها أنهم لابد من الذهاب مع خالد..
أم ياسر وهي تبكي..حفظكم الله جميعاً ما كنت أتصور أن خالدا سيعود لأهله فهو الابن الذي لم ألده..
أبو ياسر الحمد لله على كل حال في حفظ الرحمن..
هاهو خالد يركب سيارة ماجد ومعهم أبو ياسر وياسر..
في أثناء طريقهم يتحدثون ..
لكن الصمت مخيم على خالد..فقط نظراته البائسة تنظر لهم..
وصلوا القرية ودخلوا منزل أبو خالد الذي لم يتغير ..
فهذه الرياحين الموجودة..وهذه النخلة الباسقة..
قلب خالد نظره لكن لم يعرف منزله..
رحب بهم أبو خالد..وتناولوا القهوة العربية وأكرمهم..
ذهب أبو خالد بلهفة لأم خالد..
يا أم خالد..أبشري..أبشري..
الفرح سيعود لمنزلنا..والطائر عاد لعشه..
نظرت له أم خالد وأشارت إليه بيديها لتخبره بسؤالها عن هذه البشاره؟
أبو خالد:انتظري ستعرفينها الآن..
يا ماجد أقبل أنت وضيفك!!
نهض ماجد مسرعاً حسناً يا أبي..وقلبه يخفق يخشى من عدم عودة الذاكرة لخالد..
أخذ بيد خالد..وخالد لا يعلم ما الذي يريده؟
أدخله على والدته..
نظرت إليه..ونظر إليها..حدقت به وحدق بها..
مشاهد صامته..
صرخت بل نطقت بعد سنوات الصمت
أبني خالد!! نعم ابني خالد..
خالد كأنه يعود للوراء وتعود له ذاكرته..
أ ..أ..أمي ..نعم أمي
ضمته إليه وهي تبكي..تنظر له تارة وأخرى تقبله..
أجهشوا جميعاَ بالبكاء..
انتهت...



أعلن الفرح بأنحاء القرية بأن خالد قد عاد لهم..
فاحتفلوا به في ذلك المساء..وتوافدوا على منزل والده
ومن بين تلك الحشود ..رأى صديقه سالم..الذي أصبح شاب يافعاً
وبجانبه ابنه خالد الذي أسماه على أسمه..
مرت تلك الليلة سريعاً وهي
من أجمل الليالي التي أنتظرها خالد منذ سنوات الغربة..
والبعد عن والديه..وأهله..
وفي صباح الغد..
هاهو خالد يودع أبو ياسر وياسر..
أخذ ياسر يقبله ويضمه..
سامحني يا خالد على كل شيء فعلته..
خالد:لم تفعل شيئاً فأنت أخي..
أبو ياسر وهويخفي دمعاته:خالد أتعدني أن تظل معنا نتزاور..
خالد وهو يقبل أبو ياسر:نعم يا عم فأنت أبي..
ولن أنسى يدا مدت إلي وأنا بحاجتها ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق