حياكم الله وبياكم..



بين نسيم الحب ..وامتزاج الروح..



للتحليق معاً في هذا الزمن لأجل أمتنا..



الخميس، نوفمبر 10، 2011

أبناء الصياد

في تلك القرية الصغيرة كان الصياد عمر يعيش فيها هو وعائلته..وفي فصل الربيع رزق عمر وزوجته
ببنت ولمحبته الشديدة للطيور أسماها هديل..
مرت الأيام وكبرت هديل ومع كل مرحلة من عمرها يزداد حبه لها..
فهي لم تفارقه قط إلا في رحلات الصيد..
وعندما بلغت الرابعة من عمرها أنجبت والدتها أخ لها فكان صقر أسم له..
وفي يوم من الأيام كان عمر جالس تحت ظل شجرته التي أعتاد الجلوس تحتها وحوله هديل تلعب بأرجوحتها تارة وبدميتها تارة أخرى فهي كالفراشة حول أبيها..
أخذ عمر ينظف بندقيته ليذهب في الغد بإذن الله لرحلة الصيد..
وبينما هو كذلك إذ سمعت هديل صوت لإطلاق النار ففزعت وذهبت ترتجف إلى والدها لكن..

وجدت الدماء حوله!!
أبي مابك؟!
أبي استيقظ فأنا خائفة!
لا مجيب لها..
ذهبت مسرعة إلى والدتها وقد أغرورقت
مقلتيها بالدموع أمي..أبي!!أبي!!
الأم:مابكِ ياهديل؟
أمي.أبي نائم وحوله الدماء..
توقفت لم تستطع أن تتحرك..أخذت هديل تجر والدتها ..
عمر ..عمر ..لكن لا مجيب..فقد فارق الحياة بسبب إصابته برصاصة من بندقيته..
خيم الحزن على البيت بعد تلك الفرحه التي تغمره..
اخذت أم صقر دور الأب والأم معاً فأصبحت خادمة عند جيرانها حتى تستطيع أن تعيش هي وأبنائها..
مرت السنوات وبين فترة وأخرى تسأل هديل عن والدها..
أين أبي؟!
هل سيعود لنا أم لا يزال نائم عند أرجوحتي؟!
وكل مرة تجيب سؤالها بأنه ذهب عند خالقه..
مرضت الأم فجأة بمرض غريب حتى أصيبت بالعمى..
قاما هديل وصقر برعاية والدتهما..
في تلك الليله استيقظت هديل بصوت أمها تدعو وتناجي ربها..
وعندما انتهت احست الأم بأن هديل بجانبها..
هديل لمً أنتِ هنا؟!
أمي لقد ظننت أنكِ نائمه!!
ضمت هديل إلى صدرها أنا بخير ياهديلهيا إلى النوم..
وفي الصباح إزداد الأمر سوء على الأم فأخذت تنادي
هديل.. صقر تعالى إلي..
أمسكت بيديهما الصغيرتين تقبلهما..
ثم نزعت عقدها وألبسته هديل وهمست لها حافظي عليه..
أخذت بيد صقر وناولته مصحف والده أي بُني
هذا مصحف والدك فأحفظه بقلبلك..
بدأت تتجرع الألم وتحاول أن ترى أبناءها قبل الرحيل..
لكن لا تستطيع..سألتها هديل ما بكِ يا أماه؟!
أجابتها سأذهب إلى والدكما..
نظرت هديل إلى صقر فزعة..
صقر أذهب إلى أم سعد فالتأتي لنا ..
ذهب الصغير مسرعاً وأتى بأم سعد..
مابكِ يا أم صقر؟!
إنه الموت يا جارتي لكن عليكِ بأبنائي..عليكِ بأبنائي..
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله..
أمي أمي لا تذهبي عنا..
بدأت حياة هديل وصقر تزداد ألماً
لقد عاشا في منزل أبو سعد وأم سعد
لكن أي عيش وأي هناء..
أصبحت هديل تعمل لديهم فهي المسؤولة عن المنزل..
أما صقر أبن الست سنوات كان يرعى الغنم..
كانت تسمع هديل هذه الكلمات مراراً من أم سعد..
هديل أين الطعام؟!
هديل لمَ لم تنظفي هذا الصحن جيداً؟!
هديل ايقظي ابنتي سعاد؟!
هديل هذا حب القمح أطحنيه جيداً بالرحى ولا تتأخري..

أوامر عدة دون رحمة..
نهايك عن أبو سعد الذي يزمجر بصوته النشاز على الصغير صقر..
صقر هات تلك الماعز لتحلبها..
صقر أذهب إلى السوق لتبيع هذه الأغراض..
صقر..صقر..
أي عيش وأي مرارة يتجرعا في هذا المنزل..
نسيت أم سعد الوصية وجعلتها تحت قدميها..
وإذا اسدل الليل ستاره ونام الخلائق
بدأت الرواية ليحكي كل منهما ماذا فعل في هذا اليوم..
وفي ذات ليلة من ليالي الشتاء الباردة
والتي قليل ما يجدان الغطاء المناسب أو الملابس الدافئة
أخذت هديل تبكي وتشتكي لأخيها صقر..
من تجرح يديها الناعمتين من الرحى..
همس لها هديل لا تبكِ عندما أكبر سأذهب بكِ إلى أمي وأبي..
إشتد بكاء هديل تذكرت عيش السعادة وكيف أصبحت الآن..
أخذ صقر يمسح دموعها بيديه الصغيرتين..
هديل لا تبكِ!!
فأنا لا أبكِ أنظري إلى ظهري
فهذه الدماء من أبو سعد
لقد ضربني اليوم بسوطه عندما سقط مني سطل الماء في الحظيرة..
ضمت أخيها نعم لا تبكِ ياصقر فغداً يوم جميل لنا بإذن الله..
وفي صباح اليوم التالي استيقظ أبو سعد
بصوته المعتاد أم سعد لمَ لم توقظيني؟!
أم سعد :هاه ..هاه هديل لم توقظني..
أم سعد أتت إلى المطبخ هديل هيا انهضي..هيا أين طعام الإفطار..
هديل ياليك من فتاة بلهاء..
أبو سعد:هيا ياصقر هيا عليك أن تسرج الخيل حتى أذهب لقد تأخرت..هيا انهضوا
رفعوا الغطاء.........
 وإذ بكومة من القش وضعت تحته..
ما هذا؟! أين هما يا أم سعد ؟!
لا أعلم يا أبي سعد ؟! لا أعلم!!
إشتد غضبه هيا أبحثي عنهما هيا..
بدأت تبحث عنهما لكن لا أثر لهما..
لقد غادرا القرية هرباً من العذاب وتجرع مرارة الحرمان..ابتعدت هديل وصقر
عن القرية كثيراً ولا يملكان سوى قربة من الماء
وبعض فتات الخبز اليابس وقطعتين من الملابس المهترئه..
في أثناء الطريق سألت هديل صقر هل أنت بخير؟
نعم ..وأنتِ؟ نعم أنا بخير..
البرد قارس وتيارات الهواء البارده تلطم الوجوه..
الأرض بيضاء من الثلج والسماء رماديه من الغيوم..
فلا شمس تدفء ولا ملابس تقيهما..
أقبل الليل ولا يزال الطريق طويل أمامهم..
مابين نظرة إلى الخلف مخافة اللحاق بهم وبين التصدي لتيارات الهواء القارسه..
في أثناء ذلك وجدا معالم لكهف صغير فدخلا مسرعين حتى يهنأ ولو بغفوة..
هديل أنا خائف!!
لا تخف ياصقر أنت صقر والصقر لا يخاف..
ألا تسمعي صوت الذئاب في الخارج..
بلى لكنها بعيده هيا سم الله واخلد إلى النوم..
نام الصغير مفترش الأرض لكن هديل باتت ساهرة
تراقب فوهة الكهف...
وفي الصباح ايقظت صقر حتى يكملا المسير..
لملما شتاتهما وبدأت رحلتهما..
صقر:هديل هل ترين ما أرى؟!
هديل:ماذا ترى ياصقر؟!
صقر:إنها قرية..
هديل نعم إنها قرية يالسعادتنا..
لم تبعد كثيراً عن ذلك الكهف ما رأيك يا صقر
يكون الكهف منزلنا؟!
صقر:نعم ياهديل فكرة جيدة..
إذاً هيا ياصقر لنجمع أثاثنا من بين الحاويات التي في أسواقهم
وبين أزقة طرقاتهم..
فلنبدأ بحاوية النجار..
ذهبا إلى حاوية النجار وأخذا قطع الخشب المرمية هنا وهناك..
ثم إلى حاوية الخياط وجمعا قدر لا بأس به من قطع القماش ..
لم يعودا إلى الكهف إلا بعد مضي ساعات النهار
وقرب الليل ليعلن مجيئه..
وضعا القطع الخشبية على باب الكهف..
أما قطع القماش فمنها ما يسد به الفتحات الموجودة بين الخشب
والأخرى للنوم عليها..
صقر:هديل أنا جائع..
حسناً ياصقر فناولته قطعة الخبز وإناء الماء
أكل الصغير ثم نام سريعاً وهكذا فعلت هديل كفعله..
مضى اليوم الأول لهما وهما في سعادة وسرور..
وفي اليوم التالي كان لديهما عمل جديد وحياة جديدة..
ذهبا إلى القرية دخلا السوق فوجدا الخباز قد رمى فتات الخبز
اليابسه في حاويته..
اخذت هديل وصقر بجمعه سريعاً
فهو طعامهما المعتاد ..
ثم ذهبا إلى النجار واخذا قطعتين من الخشب
ليكون مصدر الدفء لهما فبإحتكاك القطعتين فيما بينهما
تشعل النار ..
أما الماء فقد كان بئر القرية قريب من كهفهما..
مرت الأيام والليالي وكل يوم يذهبا إلى القرية لجمع فتات الخبز أو أخذ قطع الخشب..
أتى ذلك اليوم استيقظ فيها صقر بأنين هديل..
هديل ما بكِ؟!
متعبة قليلاً..
حسناً ساذهب إلى القرية لعلني أجد شيئاً لكِ..
لا تتأخر ياصقر..حسناً اطمئني..
ذهب صقر إلى القرية فوجد أهلها في هدوء تام..
ما بهم ياترى؟!
هل بسبب البرد الشديد؟!
اخذ يبحث عن شيء لهديل ..
مرّ الوقت سريعاً دون جدوى أوالحصول على شيء..
وفي أثناء عودته إلى الكهف إذ بعاصفة ثلجية تجتاح المكان..
وجد صعوبه في المسير حتى وصل إلى مكان الكهف..
لكن أين بابه..
ما هذا؟!
هديل.. هديل..
أخذ يناديها ويحفر بيديه الصغيرتين كومة الثلج التي اغلقت
باب الكهف..
هديل لا تتركيني ها هنا..
هديل لا تذهبي عني..
ودموعة تنهمر بحرارة على وجنتيه لتسقط على الثلج
وتذيب بعضه..
منصور أتسمع صوت البكاء؟!
نعم يا ميمونه لكن أين هو؟!
منصور:هل من أحد هنا؟
صقر مسح دموعه سريعاً :نعم أنا هنا..
منصور: مابك يا بُني؟!
يا خال قد أغلق الثلج باب الكهف وبداخله أختي هديل إنها متعبه..
منصور:حسناً لا تخاف..
منصور :ميمونه أعتني بالصغير حتى أتي بأهل القرية لمساعدتنا..
حسناً يا منصور لا تتأخر فقد أقبل الليل..
اقتربت ميمونه من صقر ما اسمك يا صغيري؟
أنا صقر..
حسناً يا صقر خذ معطفي البسه حتى لا تتجمد..
وأنتِ يا خالتي!!
سأظل بخير بإذن الله..
لبسه وجلس بجانبها وما هي إلا لحظات حتى نام الصغير
فوضعته في حجرها..
ذهب منصور إلى القرية وأخذ يناديهم
يااااا أهل القرية..يااااا أهل القرية..
هل من مساعد لنا!!
اجتمعوا عليه ما بكَ يامنصور؟
أريد مساعدتي في طفلة بالكهف أغلق الثلج عليها
ولا تزال عالقة به..
حسناً يا منصور فأخذوا الفوانيس والمعَاوِل..
اتوا إلى المكان وبدأوا بالحفر..
أخرج منصور هديل ولفها بمعطفه..
منصور هل الطفلة بخير؟.
منصور نعم إنها بخير والحمد لله..
ذهبوا بهما إلى منزل منصور
ولم تصحو هديل بعد..
منصور:ميمونه سأذهب إلى الطبيب وأتي به..
جاء الطبيب فكشف على هديل قال هي إن شاء الله بخير
لكن إذا أستيقظت
يجب عليها تناول طعام ساخن قبل
أكل شيء أخر..
ثم ذهب منصور إلى العم سعيد
فهو عمدة القرية ليسمح لهما بأن يتركوا الصغيرين عندهما..
منصور:السلام عليكم يا عم سعيد..
العم سعيد: مرحباً بك يامنصور..
منصور: يا عم سعيد أريد أن يبقيا الصغيرين
عندي في المنزل حتى نعلم حكايتهما
وكذلك ياعم سعيد أنت تعلم لم نرزق بأطفال وسنعتني بهما..
العم سعيد: بكل سرور يا منصور وأنت أهل لذلك..
دخل منصور على ميمونه والفرحة تغمره..
وافق العم سعيد أن يكونا معنا..
حقاً يامنصور حمداً لك يارب..
استيقظ صقر وأدار عينيه بالمكان إنه منزل..
أين أنا يا ترى؟!
نهضت ميمونه مسرعة إليه..أهلاً يا صقر بمنزلنا..
صقر: أهلاً يا خاله لكن أين أختي هديل..أين هي؟!
إنها نائمه..رفع يديه مسروراً لك الحمد ربي..
هل تريد الطعام ياصقر؟
وبكل لهفة نعم يا خاله..
قدمت له الطعام وأخذ يأكل بسرعة فهذا الطعام الشهي
لم يذقه بعد أن فقد أمه..
نظرت إليه ميمونه وهي تدافع عبراتها..
فقالت في نفسها يا لكَ من فتى بريء..
باتت ساهرة عند هديل ولم تغفو إلا غفوات يسيرة..
وفي الصباح استيقظ منصور سألها عن حال هديل
قالت لا تزال على حالها..
حسناً يا ميمونه لا تقلقي عليك بالدعاء
لرب السماء فهو الشافي المعافي..
ونعم بالله يا منصور..
ظلت هديل أيام على هذه الحال
فقط نبضات القلب هي التي تتحرك..
أما صقر يلهو تارة مع الصغار
ويظل بجانب هديل تارة أخرى..
وفي ذلك اليوم وبينما كانوا يتناولن الطعام
استيقظت هديل بأنينها تنادي
صقر..صقر..
تركوا طعامهم مسرعين لها..
حمد لله على سلامتك..
أريد ماء..أريد ماء..
ذهب صقر مسرعاً ليأتي بالماء..
نادته ميمونه لا يا صقر
الطبيب منعها من الماء الآن..يجب أن تتناول الطعام الساخن أولاً..
ذهب إلى طعامه واخذه مسرعاً إلى هديل..
هديل خذي هذا أفضل لكِ الآن..بدأ يطعمها بيديه..
أغرورقت عيناهما من مشهد هديل وصقر..
وبعد أن تم شفاءها
حكت لهما حكايتهما
إنهما يتيمان وعاشا عند جيرانهما..
منصور:إذاً لماذا أتيتما إلى الكهف؟
صمتت هديل ولم تجب..
أتى صقر يتحدث فقالت هديل لا ياصقر
إنه بمثابة عمنا..
فسكت صقر..
منصور وميمونه :حسناً لا نريد أن نعرف شيئاً
أنتما الآن أبناءنا..
بدأت حياتهما في سعادة وسرور..
التحقا في الكتاتيب ليتعلما..
أما منصور وميمونه فحياتهما لا تقل سعادة عن
هديل وصقر اصبح منزلهما
في حركة بعد السكون الذي أصابه سنوات..
مرت السنوات كبر فيها الصغيرين
أصبحا شابان يافعان
فها هو صقر
يساعد الخال منصور في أسطبل الخيول
الذي أشتهر به في أرجاء قريته والقرى المجاورة..
وفي ذلك اليوم نظر صقر
وإذ بشيخ كبير قد رقّ عظمه واحدودب ظهره
يرتكز على عصا له ويجر فرسه..
نظر إليه صقر حدق النظر ...
فأقبل إليه مسرعاً أمسك بيده..
مرحباً بكَ يا عم..
الشيخ :أهلاً يا بُني
صقر : هل أساعدك؟
الشيخ: نعم يا بنُي أريد أن توصلني لاسطبل منصور..
صقر:قد وصلت إليه..
أخذ بيده وذهب به إلى الاسطبل ووضع له الكرسي..
فجلس الشيخ: آه يابُني هذه فرسي أريد السرج المناسب لها فأخبروني
أن السرج يباع عند منصور..
حسناً يا عم لحظات ويكون السرج عندك..
تردد صقر في سؤاله لكن لا بد له من ذلك..
يا عم ما اسمك؟
الشيخ:أنا غريب عن القرية وأسمي أبو سعد من القرية المجاورة ..
شهق صقر: نعم إنك هو أنت العم أبو سعد..
أقبل صقر يقبل يديه ورأسه..
العم أبو سعد في دهشة من أنت يا بُني؟!
هل تعرفني؟!
صقر وهو يبكِ نعم أنا صقر أبن جارك عمر..
أنت صقر!! لم تمت!!
آه يا صقر سامحني.. سامحني يا بنُي..
صقر :نعم أنا صقر
يا عم أبو سعد قد سامحتك منذ أن خرجت من القرية..
أبو سعد:كيف حال هديل وأين هي الأن؟
صقر:هديل بخير ونحن نعيش في منزل الخال منصور..
أخذ صقر يروي قصته منذ خروجهما من القرية..
بكى أبو سعد وإشتد بكائه..ما بكَ يا عم أبو سعد؟!
آه يا صقر هذه قصتكما أما قصتي تختلف..
فبعد رحيلكما من القرية تبدلت النعمة التي كنا فيها..
أصبح الفقر أمامنا..
فأم سعد أصبحت خادمة عند اهل القرية..
أما أنا فأصبحت حمّال في السوق..
آه يا صقر وبعد أن كبر أبنائي سعد وسعاد
كان جزائنا العقوق..
أصبحت أنا وأم سعد نعمل في المنزل لهما ولزوجة سعد
حتى كان طعامنا فتات الخبز هذا جزائنا من تفريط الأمانة التي أهملناها..
صقر:لا ياعم لا تقول هذا أنت عمي وسامحتك..
أخذ أبو سعد يدافع عبراته هيا يا بنُي أريد أن تسرج الفرس حتى أذهب
بها فأم سعد قد أضناها التعب ولا تستطيع أن تتحرك..
أبشر يا عماه..وما هي إلا لحظات حتى جهز له الفرس
صقر:هيا يا عمي أريد أن تذهب معي إلى منزل الخال منصور..
لترتاح قليلاً..
أبو سعد:لا بنُي أريد الذهاب قبل حلول الليل..
وبعد إصرار من صقر ذهب أبو سعد لمنزل منصور..
دخل صقر على هديل عندنا ضيف جهزي له الزاد وبعض الملابس..
هديل:حسناً ياصقر..
نادته قد جهزت كل شيء..
صقر:أتعلمي من الضيف؟
لا يا صقر من هو؟!
إنه العم أبو سعد فحكى لها حكايته..
بكت هديل تذكرت تلك الحياة التي عاشتها بذلك المنزل ..
هديل:صقر أريد أن أطلب منك خدمة؟
صقر: أبشري ياهديل ما هي؟!
هديل: أريد أن ترافق العم أبو سعد إلى القرية
أنت تعلم أنه كبير في السن ولابد أن يكون معه أحد..
صقر:حسناً يا هديل سأذهب معه وأنتِ أعتني بالخال منصور
والخاله ميمونه..
ذهب صقر مع العم أبو سعد..
دخل القرية التي رحل منها..
وجد الحال قد تغير..
فأُناس قد رحلوا منها وأُناس قد حلوا فيها..
ذهبا إلى منزل أبوسعد الذي لم يتغير..
فتح الباب أبو سعد وأخذ ينادي
يا أم سعد..يا أم سعد..
أبشري..أبشري..
أم سعد طريحة الفراش وبصوتها المبحوح:ما بكَ يا أبي سعد؟!
أبو سعد:معي ضيف عزيز ..
أم سعد: من هو؟
أبو سعد: إنه صقر أبن جارنا عمر..
أم سعد: صقر!!
أجهشت ببكاء مرير..
أم سعد:كيف أنت يا صقر وكيف هديل؟
صقر:جميعنا بخير ياعمتي..
لا بأس عليكِ طهور إن شاء الله..
أم سعد:يا بنُي سامحني..سامحني أنتَ وهديل..
صقر:يا عمتي سامحنا الله جميعاً..
لم نحمل عليكما شيء منذ خروجنا..
أم سعد:الحمد لله يا بنُي إنني سعيده بكما..
مضى الوقت سريعاً مع أبو سعد وأم سعد فساعدتهما قد ملأت الأرجاء..
ودعهما وأستسمح منهما..ثم عاد إلى القرية..
وفي أحد الأيام خرج صقر إلى الاسطبل فوجد إنه بحاجة إلى بعض الأشياء
ولا توجد إلا في المدينة..
أستأذن الخال منصور بالذهاب..
الخال منصور:حسناً ياصقر هل تتأخر؟!
صقر:ربما يوم أو يومان..
الخال منصور:في حفظ الرحمن يا بنُي..
دخل صقر المدينة فوجد ما يريد منها
وأثناء خروجه للعودة إلى القرية.....
وأثناء خروجه للعودة إلى القرية
سمع منادي ياااا أهل المدينة..ياااا أهل المدينة..
الحاضر يخبر الغائب..
سيقام سباق للخيل في الاسبوع القادم..
ياااا أهل المدينة..ياااا أهل المدينة..
سيكون السباق في الساحة الشرقية..
ياااا أهل المدينة..ياااا أهل المدينة..
أخذ يردد هذه العبرات بين الطرقات..
ذهب صقر إلى القرية وأخبر الخال منصور..
الخال منصور في سرور:حسناً يا صقر أدخل في السباق.
صقر في تردد:لكن يا خال منصور..فصمت.
الخال منصور:ما بكَ يا بُني؟
صقر:لا أعلم ربما بحاجة إلى بعض التدريب.
الخال منصور: لا بأس أنا سأتولى أمر تدريبك..
وفي صباح اليوم التالي ذهبا الخال منصور و صقر إلى الاسطبل
جهزا الخيول ثم ذهبا إلى خارج القرية.
هيا يا صقر أقفز من هنا..أذهب من هنا..إجعل الزمام هكذا..
أرخي جسدك فالخيل تتأثر بكَ..
لا تخاف تشجع..بدأ بتدريبة ويردد عليه العبارات المشجعة له..
فالخال منصور من امهر الفرسان في القرية..
وفي المساء اجتمعوا على العشاء فأخذ صقر يروي لهم ماكان يفعله الخال منصور..
الخال منصور:آه يا صقر ذكرتني بأيام شبابي كنت أجتمع
مع أبناء القرية لنتسابق سوياً فتارة نكبوا وتارة نترجل..
آه إنها أيام مضت..أما أنت فما شاء الله قد أجدت وأتقنت الركوب..
لا تحتاج إلا بعض الطرق وصقل موهبتك بالتدريب الجيد..
صقر:حسناً يا خال منصور جزاك الله خيراً..
هديل لصقر:صقر لابد لك أن تسرج خيلك جيداً حتى لا تقع..
الخاله ميمونه:نعم يا صقر ما قالته هديل صحيح..
صقر حسناً يا خالتي ميمونه..حسناً يا هديل ..اطمئنا..
مرت الأيام وكل يوم يتحسن أداء صقر بالتدريب..وقبل السباق بيومين..
الخال منصور:هيا يا ميمونه جهزي لنا مانحتاج لسفرنا.
الخاله ميمونه:بهذه السرعة بقي يومان!!
الخال منصور:نعم لابد من الذهاب حتى نرى المكان
ونأخذ قسط من الراحة بعد عناء الطريق..
ذهبت إلى هديل..هيا ياهديل نجهز لهما ما يحتاجا..
هديل:حسناً ياخالتي..
ودعتهما وذهبا إلى المدينة..
أتى يوم السباق..جمع غفير من الناس من كل حدب
أتوا فقد كان السباق بحظرة الوالي خالد ونجله ماجد..
الخال منصور لصقر: لا تنسى ذكر الله يا بُني ..لا تنسى القوة والشجاعة..
صقر:حسناً يا خالي دعواتك لنا..
الخال منصور:حفظك الله يا بُني ووفقك لكل خير..
اجتمع الفرسان في المضمار وتأهبوا لبدأ السباق..
وما هي إلا لحظات حتى أُعلن بالبدأ..
انطلقوا الفرسان بجيادهم..كان الخال منصور يدعو لصقر..
أما هديل والخاله ميمونه في القرية لم تكلا أو تملا من الدعاء لهما منذ خروجهما..
هديل:خالتي ميمونه.
الخاله ميمونه:نعم يا بُنيتي..
هديل:إنني قلقه..هل صقر يفوز في السباق ؟
الخاله ميمونه:ولمَ لا!! الأمل بالله كبير..ولا يأس مع الله..
هديل :ونعم بالله..
تقدم الفرسان وتقدم صقر لم يبقى إلا بضع أمتار على نهاية السباق..
الكل مندهش من أداء صقر..
الوالي خالد:أترى يا بُني ماجد أداء ذلك الفارس.
النجل ماجد:نعم يا أبتي إنه فاس همام لا يشق له غبار..
تقدم صقر..ثم تقدم فكان أول من وصل إلى النهاية..
الوالي خالد:بخٍ بخْ إنه فارس بحق..إنه فارس شجاع..
الخال منصور:الحمد لله..الحمد لله..فبادر بسجود الشكر لله..
أما صقر لم يصدق..الدنيا لم تسعه من هذه الفرحه..
ثم نادوا الفرسان ليتسلم كل واحد منهم جائزته..

فكان في مقدمتهم الفارس صقر..
أقبل فسلم على الوالي خالد والنجل ماجد وتسلم منهما السيف..

ثم ذهب إلى الخال منصور..
الخال منصور لك الحمد يارب..أترى يا بُني إنك فارس..
صقر:نعم يا خالي ويا والدي هذا بفضل الله ثم بفضلك..
عادا إلى القرية وكان في استقبالهما الجميع من العم سعيد إلى الصغار ..
احتفلوا به وبفروسيته..
ثم دخل على الخاله ميمونه وهديل بكتا من الفرح بفوزه..
بعد أيام وإذ بطارق يطرق الباب..
فتح صقر الباب وإذ بجنود الوالي قد أحاطوا به..
نعم ماذا تريدون؟!
تقدم أحدهم إليه فقال:أين صقر؟
صقر:أنا هو..
فقال الجندي:هذه رسالة من الوالي لك.
أخذ صقر الرسالة ودخل المنزل..
الخال منصور:من الطارق ياصقر؟
صقر إنهم جنود الوالي خالد..
الخاله ميمونه:ماذا!!جنود الوالي ماذا يريدون..
صقر:ياخالتي إنها رسالة من الوالي خالد..
هديل:رسالة!!
صقر:نعم ففتح الرسالة فأخذ صقر يقرؤها..
.:بسم الله الرحمن الرحيم:.
من والي البلاد الوالي خالد
إلى الفارس الشجاع صقر
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
نرغب بإنضمامك إلى فرسان القصر والقرب منا

فأنتم من فرسان البلاد الذين نفخر بهم وبشجاعتهم..
التوقيع
والي البلاد خالد
.......


أن يحفظه ويوفقه لكل خير..
أما هديل فكانت تخفي العبرات فأول مرة تفراق أخيها صقر..
هديل لصقر:صقر هذا مصفحك لا تنسى معاهدته وحفظه جيداً ..
صقر:حسناً يا هديل سأحفظه بالقلب جزاك الله خيراً..

هديل اعتني بالخال منصور والخاله ميمونه
وأنا بإذن الله سأزوركم بين فتره ةأخرى..
ودعها وذهب إلى المدينة..
دخل صقر القصر ماذا يرى؟!
الأشجار الخضرة..والثمار اليانعة..وجداول الماء بينها..

استقبله الوالي خالد ونجله الأمير ماجد بكل حفاوة وتكريم..
الوالي خالد:أهلا بالفارس صقر..
صقر:أهلاً بك يا حضرة الوالي..
الأمير ماجد:سعداء بك وبإنضمامك مع الفرسان الشجعان..
صقر:وأنا أكثر سعادة يا حضرة الأمير.
الوالي خالد للأمير ماجد:هيا فالتكرم الفارس ..
الأمير ماجد:حسناً يا حضرة الوالي..
الأمير ماجد لصقر:هيا يا فارسنا الشجاع..

فأخذ بيده ثم تجولا في القصر وقال له:يافارس صقر ستكون
من الفرسان الذين معي أي سترافقي في الحل والترحال..
صقر:حسناً يا حضرة الأمير..
مرت الأيام ولا يزال صقر ملازم للأمير ماجد..

نظر صقر إليهم ما رأيكم؟!
الخال منصور:بكل يافخر يا بُني أن تكون مع الفرسان هناك.
الخاله ميمونه: نعم يا بُني لا تردد..
نظر إلى هديل فهديل صامته ما رأيك ياهديل؟
هديل:إنه لشرف يا أخي أن تنضم مع الفرسان ..
وفي الصباح تجهز صقر لمغادرة القرية..
ودعه الخال منصور والخاله ميمونه بدعوات لرب السماوات
أما هديل فهي تقوم بشؤون المنزل والإعتناء بالخال منصور والخاله ميمونه..
وفي ذلك اليوم..
هديل للخاله ميمونه:خالتي أريد الذهاب مع فتيات القرية
لنتعلم الحياكة عند العمة أم بدر
الخاله ميمونه :بكل سعادة يابنُيتي فالحياكة شيء جميل للفتاة..
ذهبت هديل مع الفتيات وأخذت تتعلم من العمة أم بدر بسرعة
حتى أصبحت ماهرة في هذا الفن تبتكر الوحدات الزخرفية
ثم تقوم بحياكتها على قطع القماش وهكذا..
مرت الأشهر وكان صقر يزورهم بين فترة وأخرى
حتى جاء ذلك اليوم رأى الأمير ماجد أن الفارس صقر كثير التفكير شارد الذهن.
الأمير ماجد:ما بكَ يا فارسنا صقر؟
صقر: لاشيء ياحضرة الأمير..
وبعد إصرار من الأمير قال صقر:ياحضرة الأمير
كنت أفكر بأهلي في القرية..
فالخال منصور أصبح لوحده في الاسطبل لا معين له..إلا الله سبحانه وتعالى..
أما خالتي ميمونه وأختي هديل فهما تقوما برعاية المنزل فقط..
وأنا قلق بشأنهم جميعاً..
الأمير ماجد:لا بأس عليك يا صقر حسناً من غداً تجهز لتذهب للقرية وتأتي بهم جميعاً إلى هنا..فهذا المنزل الصغير الذي
بحديقة القصر ليس به أحد تستطيع أن تعيش به أنت وعائلتك..
صقر:حقاً يا حضرة الأمير..ألف شكر لك جزاك الرحمن أعلى الجنان..
وفي صباح اليوم التالي ذهب صقر للقرية وأتى بهم جميعاً..
عاشوا بقية حياتهم في ذلك المنزل أما هديل فأصبحت تنسج الملابس
للأميرة سارة وكانت من أحسن خياطات البلاد..
.....
انتهت


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق